الحلقة الثانية - عندما يغيب العدل (رواية على حلقات)



بقلم أحمد كامل
                     
بدأت السيارة طريقها ولم تتوقف مكالمات"عماد" طوال الطريق ، وكان واضح عدم إكتراثه بأي شئ ربما للسلطة التي يحوزها ، أو العائلة (الواصلة) التي ينتمي إليها ، وكانت أغرب مكالمة أجراها إستمعنا لها ونحن صامتون وكأن على رؤوسنا الطير ، فقد أخذ يتوسط لأحد المحبوسين على ذمة إتجار بالمخدرات بقسم باب شرق بالأسكندرية ، وأخذ يضغط على معاون النيابة المسئول أن يفرج عن المتهم في اليوم التالي ، وأن يحول توصيف القضية لتعاطي وليس إتجار ، إستمعنا جميعاً لتفاصيل المكالمة مذهولين مما يحدث ، أنا شخصياً تساءلت في بالي هل هذا الشخص متهور أم غبي ، كيف يجري ذلك النوع من المكالمة بميكروباص ليصبح هناك شهوداً على ما يقترفه من جريمة في حق الوطن ، وفي حق المنصب الرفيع الذي يحوزه ، ولشدة ذهولي تجاوزت المكالمة الجريمة الواحدة لتصبح متعددة الجرائم ، بعد أن ذكر "عماد" معاون النيابة على الجانب الآخر من الخط بالواجب الذي سبق وقام به معه ، ولتستمر حالة الذهول مسيطرة علينا كان الواجب هو قطعة سلاح آلي حضر به "عماد" لفرح أخت "وليد" معاون النيابة الآخر ، وبعد تبادل بعض عبارات المديح المتبادل مع الطرفين ، وعد وليد عماد بتنفيذ طلبه وإقفال قضية تاجر المخدرات في اليوم التالي ، وإطلاق سراحه من سراي النيابة بكفالة بعد أن يقبل دفوع المحامي بإنها قضية إتجار ، في تحقيق سيكون شكلي ولتزداد الصورة سواداً أمامي لم تنتهي المكالمة إلا بمطالبة "وليد" لعماد بإحضار قطعة سلاح آلي أخرى ولكن على سبيل الهدية وليس الإعارة تلك المرة ، وهو ما قابله "عماد" بالموافقة ، للحظات شعرت إنني أحلم أو وإنتابتي بعض الأفكار للحظات ، حيث إنني فكرت أن هذا الشخص المدعو "عماد" ليس معاوناً للنيابة ، وإنه يفبرك تلك المكالمات لجذب أنظار "غدير" ملكة جمال الرحلة  ، ربما لو تتطور الأمور بعد ذلك لعشت حياتي كلها مقتنعاً إنها الحقيقة لا ريب .
أثناء السائق ما كان ينهب الطريق نهباً ويسابق الزمن ، لتعويض التأخير الذي تعرضنا له أثناء تحميل السيارة ، لم يضيع "عماد" وقتاً وبعد أن أنهى مكالمته مع "وليد" ، بدأ مكالمة أخرى لتكون أغرب من سابقتها ليستمر صمت القبور الذي يخيم على ركاب السيارة ،  فقد قام "عماد" بمهاتفة الشخص الذي وسطه لإخراج تاجر المخدرات وكان يدعى "سمير" ، وعلى الرغم إنه حتى هذه اللحظة كانت تنتابني الشكوك التي ذكرتها سابقاً ، بأن تلك المكالمات مفبركة لجذب الإنتباه إليه ليس أكثر ، إلا أن سيناريو المكالمة كان مقنعاً للغاية ، لتتحطم معه آمالي أن ما سمعته سالفاً ليس إلا كابوس أو مزحة ثقيلة .
فقد تحدث "عماد" وهو يملؤه الزهو والخيلاء مع واسطة الخير قائلاً :
 يا حاج "صفوت" كله تمام والراجل بكرة حيفرج عنه بكفالة ، بس إنت إبعت المحامي بتاعك وفهمه إنه يطلب الإفراج عن "سمير" بكفالة ، وأن الكمية المضبوطة معه لإستخدامه الشخصي ، كل دي شكليات يا حاج بس لازم تتم عشان الموضوع يتقفل .
وأجابه "صفوت" :
كتر خيرك يا "عماد" بيه والله الراجل مظلوم وفعلاً هو جايب المصلحة لدي لنفسه ، أصل "سمير" ده مزاجه عالي .
مصلحة إيه اللي جايبها لنفسه ده ممسوك بكمية مش شوية يا حاج ، وأنا إدخلت عشان خاطرك بس نصيحة ليك متتدخلش تاني في المشاكل دي .
كتر خيرك يا "عماد" باشا بس الحاجة دي فعلاً حاجته ن أصلك متعرفش "سمير" ده نزيه ويحب ينزه اللي حواليه .
عامةً المشكلة محلولة بس إبقى إفتكرهالنا ، ومتنساش تعزمنا في سهرة من سهراتك الحلوة .
معلوم تشرفنا إحنا أول ما يخرج "سمير" حنعمل حفلة على شرفك بس مش حتبقى أي حفلة .
عامةً تؤمرني بأي حاجة تاني .
منتحرمش منك يا باشا .
سلام .
سلام.
إنتهت المكالمة وبالطبع جاء في خاطري إما أن هذا المدعو "عماد" يستحق جائزة الدولة التقديرية في التأليف ، أو أن كل ما حدث مهما كان غريباً وعجيباً فهو ليس إلا الحقيقة للوضع المزري الذي وصل إليه حالنا ، إنهمرت الأفكار على رأسي وكأي مواطن مصري أصيل ، قررت أن أستخدم أكبر مهارة علمتها إيانا وطننا الحبيب مصر ، مهارة (التطنيش) ، وعلى الفور تجاهلت رفيق طريقي علي وتصنعت النوم .



الحلقة الأولى - عندما يغيب العدل (رواية على حلقات)



بقلم أحمد كامل
الفصل الأول
كان العمل مرهقاً لأشد الحدود في ذلك اليوم ، كان اليوم الأول لي في العمل وكنت قد تنقلت بين عدة مراكز بمحافظة البحيرة لإستلام العملاء من الموظف القديم بالشركة ، تنقلت بين كفر الدوار وأبوحمص وبرنوب أحد القري المجاورة لحوش عيسى ، وإيتاي البارود وكوم حمادة وأحد القرى المجاورة لها لا أذكر اسمها ، كان يلازمني في هذا اليوم علي موظف خدمة العملاء ، ومنذ اللحظة الأولى الذي تعرفت عليه بها بمقر الشركة أثناء إستلامي العمل أدركت كما هو إنسان بسيط ، واضح إنه يملؤه الحماس ، به بساطة الفلاح البسيط ولكن توقعت إنه ربما يعمل للمرة الأولى في حياته ، كان يشعر إنيي قدمت لأنتزع من صلاحياته ، لكنه أخفى ذلك بحفاوة من الإستقبال .
تعبنا أنا و"علي" في هذا اليوم أيما تعب ، فمقابلة العملاء ومناقشة مشاكلهم التي لم تحل على مدار أشهر سببت إرهاقاً شديداً ، والسفر بين أكثر من مدينة في محافظة مترامية الأطراف إستنزفتنا مادياً في اليوم الأول لإستلام العمل ، حتى خالجني شعور بالندم على قبول هذه الوظيفة ، وزاد الطين بلة فور دخولنا الموقف للعودة من السفر أن فوجئنا بصدمة إنه لا يوجد ركاب يريدون العودة للأسكندرية في هذا التوقيت المتأخر بالنسبة للأرياف ، فهذه المدن المعروف عنها المثل المصري تنام من المغرب ، ولم يتعدى عدد الركان عن ستة بينما العربة تحتاج سبعة عشرة راكب ، عرض علينا أن يتحمل كل راكب أجرة نفر ، رفضنا بإصرار فلا نمتلك سوى أجرتينا بالضبط تقريباً ، إنتظرنا وإنتظرنا وإنتظرنا ، وكان للإنتظار فائدة فقد تعرفنا على بقية الركاب عن طريق الإستماع لمكالماتهم الهاتفية على التي أجروها لقتل الوقت ، فهناك "محمد" المجند العائد لوحدته بعد أجازة قصيرة قضاها مع أهله ، وهناك "غدير" الكوافيرة الشهيرة التي كانت بمهمة عمل لبنت أحد أعيان القرية والذي قام بتوصيلها شخصياً حتى الموقف وحاسب لها على الكنبة الخلفية كاملةً ، ولفتت "غدير" أنظار جميع الرجال في الموقف فمن غير العادي أن تسافر بنت في هذا الوقت المتأخر بالنسبة لعادات قريتهم وحدها ، فما بالكم وهي ترتدي ملابس صارخة من بنطلون جينز ضيق ، وشعر مسشور ومصبوغ ومكياج كامل للوجه ، أما البلوزة فهي قصيرة وكلما نزلت من الباص أو طلعت يظهر ظهرها ، وفورا يميل الرجال على بعض ضاحكين متلمزين لبعضهم .
أما "ريم" وولدها الصغير "تامر" فهي مطلقة وكانت تستعيد ولدها تامر الذي حضر لزيارة صغيرة لوالده وجدته ، وكانت تشتكي في التليفون لشخص من مقابلة حماتها السابقة الفاترة لها ، وتتحجج إنها يجب أن تحسن مقابلتها لها وإلا ستتوقف عن إرسال "تامر" لهم والقانون في صفها .
وكان هناك "عماد" معاون النيابة الشاب الذي ينتمي لعائلة كبيرة من عائلات دمنهور ، والذي  كان على إتصال برئيسه وكيل نيابة المنشية عمرو ليقابله بدمنهور ، حيث أن عربته عطلت عطل مفاجئ وإضطر ليتركها عند الميكانيكي .
وبعد أن يئس الجمع من أن تكتمل العربية ، ورغبة منهم في الوصول لمنازلهم آمنين قرر كل واحد أن يدفع على حسب مقدرته أن يتحمل أجرة فرد أو فردين بالعربة ، والنصيب الأكبر كان من نصيب "غدير" و"عماد" ، بينما رفضنا أنا وعلي تحمل أي مبلغ فلم نكن نملك سوى عشرين جنيهاً ، فقد إستنزفنا السفر بين شرق البحيرة وغربها مادياً ، وتوكلنا على الله لتبدأ الرحلة التي تغيرت معها حياة كل من في السيارة للأبد .


برلمان الثورة والمصير القاتم أو إنتفاضة ناخب





بقلم أحمد كامل
بعد أن حان الوقت لتخوض مصر غمار التحدي الثالث لها بعد ثورة 30 يونيو ، وأنا أراه تحدي صعب بل هو الأصعب فالإستحقاقان الماضيان (الدستوروإنتخابات الرئاسة) كان عليهما نوع من التوافق ، أما الإستحقاق الأخير وهو الإنتخابات البرلمانية سيكون عليه الكثير من التناحر والشقاق ، كعادتنا في إهدار دماء الآخر ووأد أي إحتمال للتعاون أو حتى التنافس الشريف ، وأصبح أي حديث عن إحترام المنافس محض خيال مريض ، فكيف يكون هناك أي تفكير في مصلحة الوطن في هذا التوقيت الصعب ، وكثيرون يجدون من تلك الإنتخابات فرصة لتتغير صفته من صفة النكرة إلى شخص ذو كينونة ، والغالبية يجدها فرصة للعودة لمسار السلطة بعد أن سلبتها منهم ثورة يناير المجيدة ، وفي رأيي أن القطاع الأخير ويمثله كم غير هين من المرشحين سواء المستقلين أو القوائم ، لا يفرقون في حقارتهم ودنائتهم عن الإخوان وعشقهم المريض للسلطة ، التزرع ببعض الزرائع الكاذبة أمام جمهور الناخبين .


الكارثة الحقيقة التي تطل بوجهها القبيح حالة التجريف السياسي المريرة التي تمر بها مصر ، بعد ثلاثين عاماً من حكم البقرة الضاحكة ، ويجب ألا ينسينا قفز الإخوان على ثورة يناير سقطاته التي لن يغفرها له التاريخ أبداً ، حالة التجريف السياسي التي يمر بها الوطن هرت واضحة بعدم وجود قائمة واحدة لا تخلو من الهمز واللمز والإنتقاد الصارخ لأعضائها ، أما عن المستقلين فليسوا أفضل حالاً ، وأتحدى إن ذكر لي أي شخص عشرون شخصاً من جميع المرشحين يمكن أن يكونوا واجهة طيبة لبرلمان الثورة ، وهي كارثة تنذر بسوء وتهدد أن تعصف بأحلامنا ، في الوقت الذي يرابض قطاع غير هين من من المفترض بهم أن يكونوا شركاء في الوطن ، لكن في الحقيقة هم لا يبغون سوى هدم أركانه ، ولا يستحوا أو يخجلوا أن يعلنوا عن هذا في كل توقيت .


هذا وفي رأيي إنه لا يوجد مخرج من هذا المصير القاتم سوى في يد الناخب المصري ، شأنه في هذا شأن جميع الناخبين في العالم ، فلا يصح على الإطلاق أن نحذف المواطن المصري من المعادلة التي هو عنصر أساسي وفاعل بها ، وكما خرج المواطن بالملايين لدعم الدستور ، ودعم الرئيس عبدالفتاح السيسي رغم أن نتائج الإثنين كانا محسومتين ، فهو أيضاً من في يده الخلاص من هذا المصير الحالك السواد ، ولكن هذا الإختبار سيكون أصعب بالتأكيد ، فالإستحقاقين الماضيين لم يكن فيهما أي ضغوط إنتخابية والتي غالباً ما تنقسم لنوعين أولهما الرشاوي الإنتخابية - التي لا يستحي كثيرون من اللجوء لهذا الطريق الحقير للوصول لمقعد البرلمان - وثانيهما اللجوء للقبليات وهي اللاعب الأساسي بمناطق الأرياف والصعيد حيث يسود الجهل والفقر ، ولكن كيف للناخب أن يختار من بين المرشحين المتاحين أمامه ؟

شخصياً سأضع مجموعة من المعايير والشروط للمرشح الذي أتمناه ، على أساسها سأختار بين ممن متاح أمامي ، لن أخطأ خطأ الماضي وأعطي صوتي للمرشح فوزه بحجة دعمه للوصول لحالة من الإستقرار السياسي ، وسأعرض لكم في عجالة شروطي التي أرها مناسبة ليكون عضو برلمان مصر الممثل لي .

أول الشروط إنني لن أعطي صوتي لمن صرف الملايين على الدعاية الإنتخابية ، فحتى الآن لست مقتنع ولم أرى من يصرف مبالغ طائلة على الدعاية الإنتخابية من أجل أن يخدمني ، حاولت أن أقتنع بشتى الطرق وأجرب عشرات المرات ، لكن دائماً هذا النوع من المرشحين سيكون همه الأكبر إسترداد ما صرفه ، ولن يقوم بدوره المنوط به على أكمل وجه أو لن يقوم به على الإطلاق .

ثاني الشروط وهو متصل بشكل أو بآخر بالشرط الماضي ، أنا أريد المرشح الذي يصل حتى بابي ويناقشني وأجادله ويقنعني ، أن يصل للمقهى التي اجلس عليها ، للمحل الذي أشتري منه بقالة بيتي ، لا أن يدخل وسط عزوته ليسلم علي ثم يرحل ، ويطلق بعض الحمقى على هذا الجولات الإنتخابية ، لا أنا أريد النموذج الأمريكي أريده أن يصل لي ويعرض برنامجه علي ويقبل مناقشتي له .

ثالث الشروط هو في الحقيقة متعلق بي وبجميع الناخبين عامةً ، أنا مستعد أن أعطي صوتي لمن ينطبق عليه الشروط الماضية بغض النظر عن الأيدلوجية التي يمثلها ، ففي رأيي أن الأيدلوجيات ذابت وإقتربت من بعضها في العقد الماضي إقتراباً كبيراً ، فلم يعد هنا فارق كبير بين ناصري محدث ، ورأسمالي يراعي العدالة الإجتماعية ، وأصبح المحك هو محك تطبيق ليس إلا .

بقى أن أطالب البرلمان بنزع إمتيازات أعضائه ، فحتى الآن لا أعرف سبباً لمنح أعضاء البرلمان الحصانة ، كما إنني أرفض تماماً منح عضو البرلمان عدد لتعيينه في الجهاز الإداري للدولة ، أو أي عدد للقبول بأي من الكليات السيادية ، وأتمنى أن يكون هذا أول قرار لبرلمان الثورة ، وهو ما مطبق في الفعل في الكثير من البرلمانات الأوربية العريقة مثل البرلمان البريطاني والنرويجي .

الفخراني مشروع المعارضة الرابحة دائماً

حمدي الفخراني
حمدي الفخراني




بقلم أحمد كامل

في مصر وبعد سبعون عاماً من التخبط السياسي والإقتصادي ، ثلاثون عاماً من تغلغل الفساد في مفاصل الدولة ، وثلاثة أعوام من سيولة الدولة وضعفها ، وعاماً من حرب أسميناها حرباً على الإرهاب لكنها في الحقيقة شكل من أشكال الحروب الأهلية ، يسعى كل طرف من أطرافها لبسط يده على كرسي السلطة ، وإن كان أحد الأطراف نجح في توجيه ضربة قاضية فنية للطرف الآخر ، فأصبح الطرف الآخر لا يملك سوى أن يتجه لما يشبه حرب العصابات ، في ظل كل الظروف آنفة الذكر إستغلت العديد من الفئات الضعف والوهن الذي أصاب مفاصل الدولة بشكل أو بآخر ، فمنهم من تاجر بالدين وهو أبعد ما يكون عنده للحصول على مكسب سياسي أو إقتصادي ، ومنهم من أصدع أدمغتنا بصيحاته عن حبه لمصر وعن وطنيته المزعومة ، وهؤلاء في ظل حالة التجريف السياسي التي زامنت فترة الفساد الإداري الذي إستشرى كالسرطان بأوصال وطننا زاد عددهم بشدة ، حتى أصبحوا هم الغالبون خاصةً بعد أن حاباهم الله برصيد مبالغ به من البجاحة ، إستخدموه بالشكل الأمثل في تحقيق أهدافهم الدنيئة .

وحمدي الفخراني المقبوض عليه بتهمة الإبتزاز ، بعد أن فشلت النيابة في توجيه تهمة الرشوة له لسبب تافه ، وهو إنه ليس موظف عام ، وهذا السبب والي يعد ثغرة قانونية رهيبة ربما ستسمح له بالهروب من العقاب القانوني ، أو تخفيض العقوبة على أقصى تقديرات العديدين من القانونيين الذين أفتون بهذا ، هو من أكبر الأمثال التي نستطيع أن نستدل بها على أن المعارضة رابحة دائماً ، حتى لو كان ممثلوها هم في الأساس مجرمون محترفون ، إمتهنوا المعارضة للتستر خلفها وللقيام بجرائمهم بمنتهى السهولة واليسر ، وأن تكون صفوف المعارضة التي يتحلونها ظاهرياً ، خط الدفاع الثاني لهم وقت اللزوم إذا ما سقطم .
الفخراني وياللعحب هر منذ سنوات قليلة ممطتياً حصان المعارضة ، متقنعاً بقناع من الوطنية الزائفة على إنه محامي الوطن ضد الصفقات الفاسدة ، وأنا حتى بعد القبض عليه كنت أنه محامياً ، ومن الشئ المضحك أن وجه سؤال لإبنته عن وظيفة والدها فردت إنه مزارع ، وعند توجيه نفس السؤال لمحاميه قال إنه خبير تنمية وتحكيم دولي ، ويبدو إنها الوظيفة التي إخترعها له محاموه للتستر بها حول ثروته التي تنامت بالسنوات الماضية من جراء عمليات الإبتزاز القذرة لضحاياه  .

وبعد سقوطه توالت البلاغات ضد هذا الفاسد والمتربح العبقري ، نعم عبقري فهو قد إخترع بيزنس جديد وهو التربح من مقاعد الجماهير ، وكل من قبله ممن تربحوا من قضايا التي دائماً ما تلتصق بلقب المدعي بالحق المدني ، يتربح هؤلاء المدعون بالحق المدني شهرة ربما يتبعها منصب سياسي أو مقعداً بالبرلمان ، إلا أن الفخراني أقام مشروعاً جديداً يحق له أن يسجل به براءة إختراع وهو مشروع المدعي بالحق المدني ، نجح في فتح النار بأكثر من قضية وصل بها لمقعد دائم ببرامج التوك شو ، وإستغل حادثة تعدي الإخوان عليه ، بل تاجر بإشاعة أن إبنته كانت أحد العاهرات التي مارست الجنس مع عنتيل المحلة (وهو ما ثبت كذبه) ، 
إلا أن سقوطه أصبح مسألة وقت بعد أن تسحر أول أيام رمضان بالنيابة ، بعد أن إتهمه أحد الشباب بإختطافه ، كما أن لديه قضية إبتزاز أخرى بالمحاكم لكنه إستطاع أن يستغل تاريخ القاضي المسئول عن القضية ، وحرك عديد من التجاوزات ضده حتى تحول للتفتيش القضائي مما عطل قضيته ، كل هذا جعله ينتشي ويبدأ جني أرباح مشاريعه ، بأن بدأ يبتز المتضررون من قضاياه وبعضهم رضخ له ، وبعضهم رفض لكن صموئيل وبحكم كونه محامي ، نجح بمعاونة البرلماني السابق علاء حسنسن في نصب الكمين له ، وعلى الرغم من إنه قد تم تصوير عملية الرشوة صوت وصورة ، وشهادة محافظ المنيا صلاح زيادة جاءت ضده رغم أن محاميو افخراني طلبوا شهادته ، إلا أن للفخراني خط دفاع أخير ، إنه من المعارضة أن ما حدث معه مؤامرة من أعداءه أعداء الوطن الذي كبدهم مبالغ طائلة بسبب القضايا التي رفعها ضدهم ، لكن كانت المفاجئة ، أن الدولة تكبدت أكثر من ثمانية مليارات جنيه كمصروفات للتحكيم الدولي في تلك القضايا ، وأنا متأكد أن الفخراني قد حصل على عمولات من تلك الهيئات ، فهو لا ناقة له ولا جمل لرفع تلك القضايا ، كما إنه ليس سياسي بارز ليجد التمويل لتحريك تلك القضايا الدولية ، ولو سعى المسئولين قليلاً سيثبتون بسهولة إنه تربح من التحكيم الدولي في تلك القضايا بسهولة .

في النهاية نتمنى من الجميع ألا يسلم عقله وقلبه للنكرات ، الذين يتاجرون بالقيم التي نحترمها وتمس قلوبنا كالدين والوطنية والعروبة ، أو يتاجرون بواقعنا السئ وظروف مجتمعنا الصعبة التي نسعى جميعنا لتغييرها كالفقر والفساد وخلافه .

#مصر_توبيا بيان عاجل-رابطة اللاجئين السوريين تشكر جامعة الدول العربية



بقلم أحمد كامل


في بيان عاجل لرابطة اللاجئين السوريين بالدول العربية ، أعلنت الرابطة عن توجيه بالغ الشكر لرؤساء الدول العربية وملوكها وأمرائها ، مشددة على أن الشعب السوري لن ينسى أبداً الموقف الإنساني الذي تبناه قادة الدول العربية من الشعب السوري ، بعد
أن فعلوا قرار جامعة الدول العربية بإجتماعه الطارئ التاريخي بعام 2014 ، والذي تبنوا فيه مشروع قانون لإلزام أعضاء الجامعة العربية كلاً على حسب مقدرته بإستضافة عدد من اللاجئين السوريين ، الهاربين من جحيم حرب لم نتفق على توصيفها ، هل هي حرب على نظام ديكتاتوري أم حرب على الإرهاب أم حرب أهلية ، لكن إتفق الجميع خلال الإجتماع التاريخي لجامعة الدول العربية بوجوب حماية المواطنين السوريين من ويلات تلك الحرب ، التي ستأكل في طريقها الأخضر واليابس ، وإنه لا يصح أن يتحرك أي فرد من العالم لا يشارك الأخوة السوريين في الدم العربي أو الدين لنجدتهم ، ويقف الملوك والأمرء الرؤوساء العرب مكتوفي الأيدي .
هذا وقد صدر هذا البيان بعد الحادثة المفجعة التي هزت أركان العالم الإسلامي والعربي والمجتمع الدولي ، بعد أن وجدت السلطات المصرية  طفلاً تركياً غريقاً على شواطئ سواحل مدينة الأسكندرية المصرية ، أثناء محاولة أسرته التركية الهرب من جحيم الحرب الأهلية هناك ، وتبين أن الطفل الغريق الذي أدمت صورته قلوب الجميع لم يغرق وحيداً ، فبعد أن وجدت السلطات المصرية والده "حاكان شاكور" أكدت روايته أن طفله الآخر غرق هو أيضاً ، وإنه فشل في إنقاذ طفليه وأمهما بعد غرق الزورق الذي هرب به من تركيا ، بعد تعرض زوجته للإغتصاب أمام عينيه من عصابات داعش الإجرامية ، والتي إستولت على بلدته أزمير بعد فرار القوات الحكومية منها.
يذكر أن تركيا قد دخلت لإي آتون الحرب الأهلية ، بعد إشتدت المعارضة على الرئيس التركي أردوغان بعد مساندته للجماعة الإهاربية داعش ، بحثاً عن تحقيق أحلامه الوهمية في الوصول للخلافة ، بعد أن تسيطر تلك الجماعات على أراضي الدول العربية ، لكن مخططاته فشلت حيث إستغلت جماعة داعش الحرب الأهلية التي نشبت بين المعارضة من ناحية والتي إنضم لها جزء من الجيش التركي مكونين ما يسمى بالجيش التركي الحر ، وبين أجزاء الجيش التركي التي ظلت موالية لأردوغان ، ونجح تنظيم داعش في إجتياح الجزء الجنوبي التركي ، بعد عقد هدنة مع الإتراك ، ونجح الطرفات في السيطرة على آبار البترول بتركيا ، مما ساعد في تسليح التنظيم وإستقطاب أقوى المقاتلين في العالم ، في محاولة للسيطرة على تركيا بعد أن فشلت محاولاتهم في إحتلال الأراضي العربية ، بعد تصدي التحالف العربي لمساعيهم في كل شبر عربي .

مصـــــر توبيـــا


بقلم أحمد كامل
تدهورت أوضاعنا بشدة ، أحاطت بنا الفوضى والقبح بكل مكان بشكل ينذر بسوء ، الأسباب كثيرة بشكل يصعب حصره ، وهنا سنضع أيدينا على سبب من أكبر أسباب هذا التدهور، علنا نكون ضمادة صغيرة لوقف النزيف الحاد الذي أصاب جسم الوطن ، السبب هو توقف فيض الأحلام في عقل كل منا وإستسلامه للواقع المرير الذي نعيشه
ورغم أن كثيرون سيختلفون معنا وسيستخفون بنا إلا إنني أعد الجميع بأن نستمر .

فكرة سلسلة المقالات ببساطة وأتمنى من الجميع أن يشاركونني الأفكار هو إننا سنحلم دائماً بسيناريو مختلف عن ما حدث سنستخدم السؤال الذي طالما إستخدموه بأسئلة إمتحانات التاريخ ماذا يحدث لو؟ ساعدونا قدموا لنا أفكاراً ونتمنى أن نفيدكم.


سر سائق تاكسي اليوم الواحد




ربما ستبدو هذه القصة أغرب من الخيال لأغلبكم ، ولإنه لا يعرف أحد عن أحداثها شئ سوى بعض الأصدقاء الذين شاركوني بعض تفاصيلها ، لذا ستكون معرفتكم بها إمتياز لكل قارئ لها .
تبدأ القصة التي وقعت أحداثها (حلوة وقعت أحداثها دي بتفكرني بالقصص التاريخية) ، بالعام الجامعي الأول لي ، بطلب طلبه مني صديق قبطي من أيام الدراسة الثانوية يدعى كريم ، وكريم هو نموذج رائع للشاب المصري المكافح ، ففي الوقت الذي كان المحترم فينا يحاول أن يوفر لأهله ، والمجتهد من يحاول أن يعمل صيفاً ليخفف الأعباء عنهم ، كان كريم يعمل أثناء الدراسة والصيف بدوان كامل ليصرف على والديه وإخوته ، وكنا دائماً نقدم له يد العون بكل السبل إحتراماً لكفاحه الذي كان مثار لإعجابنا جميعاً .
وهنا نعود لمجريات الأحداث حيث طلبني كريم في أحد الأيام لزيارته حيث يقطن بمنطقة الدخيلة أحد الأحياء الشعبية بمنطقة الأسكندرية ، وبعد إستقباله لي بحفاوة وقيامه بتقديم واجب الضيافة شعرت إنه محرج من مفاتحتي في شئ ما ، فبادرته بالسؤال الطبيعي طلباتك يا كيمو ، وهنا أخبرني كريم ، إنه أخيراً إستطاع أن يجد العمل المناسب لظروف دراسته ، خاصةً وإنه رغم ظروفه الصعبة إلا إنه تحصل على مجموع جيد بالثانوية العامة وإلتحق بكلية العلوم ، والعمل الذي تحصل عليه كريم سائق تاكسي حيث أخذ وردية على تاكسي أو كما يقول أنا البلد "طرف" على تاكسي ، وإنه لديه ظرف طارئ اليوم سيمنعه عن العمل وإنه متخوف من ضياع "المصلحة" ، خاصةً بعد أن وردته أخبار أن أحد السائقين يحوم حول المعلم صاحب التاكسي ويحاول إقناعه بإستبدال كريم به ، وأظن أن الظرف الذي كان عند كريم إنه مطلوب للشهادة ف الكنيسة لتطليق إبن عمه من زوجته سيئة السمعة أو شئ من هذا القبيل ، وإنه لا يستطيع أن يتخلف عن الموعد بأي حال فشهادته ستكون مهمة لقبول الكنيسة الطلاق لصعوبة هذا الإجراء كما نعرف كلنا .

وما هو المطلوب مني؟ كان هذا السؤال المنطقي الذي طرحته على كريم ، والإجابة البسيطة هي أن أحل محله على ورديته حتى يمر اليوم بسلام ، ولإنه لم يكن هناك مفراً لللإعتذار قبلت وقولت لنفسي "أهو يوم ويعدي " ، ورتبنا الأمور بيننا على أن أقابله لإستلام التاكسي بعد أن يستلمه من السائق المسئول عن الفترة الصباحية ، وفي اليوم الموعود تقابلنا وشرح لي كريم نظام تحصيل الأجرة بشكل تقريبي وطالبني بالإبتعاد عن المشاكل مع الزبائن حتى يمر اليوم بسلام ، وطالبني بالعمل بمنطقة شرق البلد ووسطها من ناحية حتى لا يراني أحد أعمل على التاكسي ويخبر المعلم ، ومن ناحية لأن العمل في هذه المناطق أكثر رواجاً في هذا الوقت من العام .

ومن هنا بدأت المغامرة وإنطلقت بالتاكسي لمنطقة الرمل بوسط البلد ، وأخذت أتجول به ومرت الدقائق وتحولت لساعة ولساعتين ولم يشير لي أحد ، وكأن كل من في الأسكندرية يعلمون إني لست بسائق تاكسي ، ويرفضون خوض المغامرة معي وبعد أن أضناني التعب ركنت بأحد الأماكن الفارغة ، وأخذت أفكر في الورطة التي ورطت نفسي بها ماذا أفعل الآن؟ ، ماذا سيظن كريم بي إذا عدت خالي الوفاض ؟ ، وفي وسط التخيلات المريعة التي تملكتني عن السيناريو القاتم الذي تورطت فيه ، شق صوت الأفكار المتداخلة في رأسي ، فاضي يا أسطى ، يا فرج الله ما ضاقت إلا أما فرجت ، "أه يا باشا على فين العزم إن شاء الله" كان هذا ردي بحماس ، وجاءني الرد "العصافرة إن شاء الله " -بالمناسبة أنا أيامها لم أكن دايس في إسكندرية قوي كنت حافظ العجمي شبر شبر بس- المهم رديت إركب ، فتح الراجل الباب (اللي كان لابس بدلة وشكله باشا باشا يعني ) وحط شنطة كان شايلها في الكنبة الورانية (أنا لو كنت أعرف الشنطة كان فيها إيه كنت خلعت) ، وقالي ثانية واحدة أجيب المدام ، وذهب الرجل للفندق الذي صادف إني كنت راكن عنده ، ورجع بالمدام واللي كانت رقاصة أيوة رقاصة مش راقصة ، حتة كدة بلدي من رقاصات التسعينات اللي كانوا مربربين كدة مش سمباتيك زي بتوع دلوقتي ، وجاية سخنة كدة من الفندق كانت بترقص في فرح يعني جاية بعرقها ، المهم قعدت في الكنبة الخلفية ، والراجل اللي كان اسمه "سمير" قعد جنبي ، المهم بدأت أسوق وقلت لسمير إنت عارف إحنا رايحين فين رد بالإيجاب قولتله خليك معايا ، وطول السكة عمال أبص في المرآة الداخلية على الرقاصة ، وطبعاً عشان معملش نفسي صايع هي حست على طول ، وعشان ألطف الجو رح راكن وقولتلها بصي يا مدام أنا كدة مش عارف أسوق يمين ولا شمال عشان أعرف أركز ، المهم عجبتها النكتة والحركة ضحكت وقالتلي ما أنا حاسة بيك ، شكلك دمك خفيف عامةً أنا مش مدام أنا مساح وتوكل على الله وربنا يحرس طريقك "والله الدمعة كانت حتفر من عيني من إيمانها " ، إتحركنا ودلني "سمير"  على الطريق لحد ما وصلنا للفرح وأنا داخل عشت الدور وكلاكسات بقى ، قالتلي سماح ده إنت مصيتني قولتلها أمال الشئ لزوم الشئ ، الغريب بقى إن "سمير" ولا بان عليه أي إنفعال من كل الملاغية دي واضح إنه محترف ، المهم المعازيم في الفرح تفاعلوا مع كلاكساتي وهما اللي زفونا "الرقاصة جت الرقاصة جت" حسيت إني في مظاهرة ، وأول ما دخلنا الفرح إستقبلنا أهل الفرح إستقبال الفاتحين راحت سماح تغير وتجهز لنمرتها ، وإحنا سلمونا من إيد لإيد لحد ما لقتني انا وسمير قاعدين على أجدع بوفيه وبيتعمل معانا أجدع واجب ، ما إحنا تبع الرقاصة ، خلص الفرح وطلعنا وبدأت سماح تاخد دفة الحديث وتقولي فاضي بقية اليوم يا أسطى ، قولتلها تحت أمرك فبدأ سمير يوجهني للفرح التالي ، وتقريباً حصل نفس اللي حصل في الفرح اللي فات ، بس الفرح ده عرفت إن الشنطة اللي مع سمير مليانة فلوس ، بيتلم فيها فلوس النقطة وبقية أجرة سماح ، ولحد النهاردة بسأل نفسي لو كنت عارف إن فيها فلوس كنت حاخدها أما سمير سابها في العربية في أول تعارفنا ولا لأ ، المهم رحنا كام فرح رحنا أربع أفراح ، كل فرح ناكل ولأن لحد لخظة كتابة هذه السطور عمري ما شربت أي حاجة غير المية الساقعة والبيبسي فمشربتش حاجة من الخيرات اللي كانت متوافرة في كل فرح ، وبعد الفرح الرابع اللي كان في المنتزة سماح قالت جبرت على كدة النهاردة مراويح على بحري ، وإتحركنا ووصلنا بحري في ربع ساعة الشوارع فضت الساعة وصلت لتلاتة الفجر ، وقبل ما نوصل لبيتها خلتني أركن عند سوبر ماركت ونزلت جابت العشا يعني فضلة خيركم أكل يكفي أسبوع ، واللي جابته لنفسها جابت منه لسمير ولية بصراحة كرم حاتمي ، كرم حاتمي إيه يا داهية ألا تكون مش حتدفع الأجرة رجعنا لنقطة الصفر تاني ، ولكن سريعاً ما تبددت مخاوفي الرقاصة حاسبتني على الكام ساعة دول ب400 جنيه غير الأكل وده كان مبلغ كبير جداً أياميها خصوصاً لو عرفتم إن طرف التاكسي بالبنزين مكملش 60 جنيه ، المهم خلصت وأخدت التاكسي وطلعت على كريم أسلمه التاكسي ، وأنا بسلمه التاكسي بسلمه الإيراد ، بصلي بإستغراب وقالي إيه ده كله ، حكيت اللي حصل بإيجاز ولأن كريم لو كان مسلم كان حيبقى سلفي ، فقد ثار بشدة ورفض أخذ الفلوس الحرام وبعد إلحاح أخذ مني طرف التاكسي عشان ميبقاش دفع من جيبه ، وأخذت الفلوس ولكن بعد ما صحيت تاني يوم حسيت إن كريم محق ووضعت الفلوس بأقرب جامع .

أضف الموضوع لحسابك