"باهر" إتجوز

يا له من عنوان أبدأ به إقصوصتي ، ولكن اللحظة التي نطق بها صديقي الكلمة أحسست برغبة ملحة في أن أحول قصة باهر لكلمات مكتوبة ربما يخلدها التاريخ ، ففي الوقت الذي قدمت قدماً وأخرت أخرى وأنا في طريقي لدعوته لسبوع بنيتي الثانية ، خشية أن أثير مشاعر طبيعية لديه بالغيرة لا ألومه عليها كونه بشر حرمه الله لحكمة لا يعلمها سواه من نعمة الأبناء ، وحتى لا نذهب بعيداً من هذه النقطة "باهر" وحسب جميع الفحوصات التي خضع لها لا يوجد لديه مانع من الإنجاب ، لكن المشكلة كانت بزوجته التي لديها مشاكل واضحة بالخصوبة ، ولا تحمل سوى بعد محاولات مضنية كلفت أموالاً لا طائل لأحد بها ، وكانت إرادة الله ألا يستمر الحمل في المرات القليلة التي إستزفت جميع الموارد المالية التي إستطاع باهر تدبيرها وأوقعته في ضائقة مالية ، جعلته يسلم أمره لله ويقنع بالأمر الواقع ، وهو ما كان غريباً علي لماذا لا يلجأ للرخصة التي منحها الله عزة وجل له بالزواج من أخرى ، وقبل أن يهاجمني بعضكم أحب أن أنوه أن "باهر" من بيئة تعدد الزوجات بها أمر طبيعي ومقبول أكثر من مجتمعاتنا ، فهو ريفي ليس هذا فقط فإن حياته أخذت منحى سلفي منذ سنوات عدة ، وهو ما كان ييسر عليه هذا الإقتراح فأغلب أصدقاؤنا المشتركون الريفيين لهم أكثر من زوجة ، كل هذا جعلني أكثر من مرة أسأله في أكثر من مرة لماذا لا يتزوج ، خاصةً وأن العمر بيجري كما يقول عامة الناس فالعمر شارف على الأربعون ، ولكن رده الشجاع الذي أفحمني إنه راض بقضاء الله عز وجل ، كما إنه صارحني بحبه الجارف لزوجته وعدم قدرته على تصور وجوده بجانب امرأة أخرى ، وإستمر ثباته المثير للإعجاب بعد أن حدثت مشاكل بين أهله وزوجته ، فسرها الجميع ببساطة وبسرعة بسبب عدم إنجابها ، حتى وإن لم يكن هذا السبب المعلن ، وعلى الفور قرر "باهر" أن ينحاز بسرعة لزوجته إحساساً منه إنها مظلومة ، حتى عندما صارحته بإحساسي أن أمه تتحرش بزوجته بسبب عدم قدرتها على الإنجاب خاصةً وإنه ولدهم الوحيد ، كان رده ببساطة لقد رضيت بنصيبي وعليهم هم أيضاً أن يرضخوا  للأمر الواقع ، وحتى بعد أن إتسعت هوة الخلاف حتى ترك "باهر" منزل العائلة وخرج بزوجته مشرداً بين البيوت ، ظل على ثباته المدهش حتى توسط أبناء الحلال لينتهي الخلاف ويعود "باهر" وزوجته لمنزلهما على مضض .

كيف إذن حدث هذا التحول الغريب كيف وبعد أن إنتصر "باهر" في جميع هذه المعارك ، أن يلقي بهذه كله خلف ظهره ويبدأ من النقطة التي حارب من أجل ألا يبدأ منها .
وبعد أن شغل الموضوع بالي لأسبوع ، راودتني فيها جميع الأفكار ، كانت الإجابة في أول لقاء مع "باهر" بعد أسبوع من معرفتي بالخبر ، تركت "باهر" ليفضي عما يجيش بصدره ، فكانت شكواه أن زوجته -التي أصبحت سابقة في طرفة عين- إنها تغيرت في الأشهر الأخيرة من عمر زواجهم وأصبحت لا تعير لكلامه وأوامره بالاً أو مثقالاً ، وإنه طالبها لأكثر من مرة بأن تطمئن بإنه لن يتزوج عليها وإنه راض بقضاء الله وقدره ، إلا إنها تمادت وأصبحت تهينه أمام أهله ، فما كان منه إلا أن طلقها وتزوج بأخرى ، فجأة وأنا جالس معه كتمت غربتي في أن أخبره في إنها فعلت ذلك غالباً لتمنحه الفرصة في حياة جديدة ، عل أن يرزقه الله بها بنعمة الأطفال ، وعلى الرغم من إن الفكرة تتماشى مع الأفلام العربي الرومانسية القديمة اتي أمقتها بشدة ، حين تضحي البطلة بسعادتها في سبيل من تحب ، إلا إن التبرير الوحيد المقنع لذلك ، وفضلت ألا أخبره بذلك صراحةً شعرت أن إخباري له لن يفيد بشئ ، فإذا كان لا يعلم ذلك وهو إحتمال ضعيف فلا داعي لفتح جرح يحاول هو أن يطببه ، وإذا كان يعلم -وهو الإحتمال الأقوى- فلا داعي لمواجهته ، أدعو الله في أن يوفقه .
بقى أن أخبركم أن "باهر" طوال عمره نناديه بأبو زياد رغبةً منه في إنجاب صبي يسميه زياد ، ولكن الآن طالب الجميع بالتوقف عن مناداته بهذا الاسم فهو ينوي أن يسمي إذا وهبه الله ذكراً باسم أحمد .

0 التعليقات:

أضف الموضوع لحسابك